القائمة القائمة

الحقيقة المقلقة وراء تقنية "Just Walk Out" من أمازون

لسنوات عديدة، كانت أمازون في طليعة الابتكار التكنولوجي، ووعدت بإحداث ثورة في صناعة البيع بالتجزئة من خلال تقنية "Just Walk Out" المتطورة.

هذا النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والذي يسمح للعملاء ببساطة بالتقاط أغراضهم ومغادرة المتجر دون المرور بعملية الدفع التقليدية، تم الترحيب به باعتباره تغييرًا لقواعد اللعبة في عالم تسوق البقالة. لقد نال الوعد بتجربة تسوق سلسة بدون الحاجة إلى الصرافين إعجاب المستهلكين الذين قدروا الراحة والكفاءة قبل كل شيء.

ومع ذلك ، الأخيرة تقرير كشفت مجلة The Information عن حقيقة مذهلة: إن تقنية "Just Walk Out" لم تكن مستقلة كما تبدو. في الواقع، كان النظام يعتمد على شبكة واسعة من العمال ذوي الأجور المنخفضة في الهند، الذين تم تكليفهم بمراقبة الكاميرات وأجهزة الاستشعار المثبتة في متاجر أمازون فريش، وكانوا يعملون بشكل فعال كصرافين عن بعد.


القوى العاملة غير المرئية

وفقًا للتقرير، قامت أمازون بنشر أكثر من 1,000 عامل في الهند لدعم نظام "Just Walk Out". كان هؤلاء العمال مسؤولين عن تتبع العناصر التي أخذها العملاء من الرفوف، ثم معالجة المعاملات، كل ذلك مع تدريب الخوارزمية في الوقت نفسه لتصبح أكثر دقة.

يسلط هذا الكشف الضوء على الجانب المظلم من ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث غالبا ما يبنى الوعد بالتقدم التكنولوجي على أكتاف قوة عاملة مخفية، يكدحون من أجل أجور هزيلة في البلدان النامية.

ولا تقتصر ممارسة الاستفادة من العمال ذوي الأجور المنخفضة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي وصيانتها على أمازون أيضًا. في الواقع، إنها ظاهرة واسعة الانتشار في جميع أنحاء صناعة التكنولوجيا، حيث تستخدم شركات مثل جوجل، وفيسبوك، ومايكروسوفت أساليب مماثلة.

كما سلكي وذكرت، يتم توظيف الملايين من العاملين في مجال التعهيد الجماعي حول العالم من قبل عمالقة التكنولوجيا هؤلاء لتسمية الصور ونسخ الصوت وتنفيذ المهام الأخرى المتعلقة بالبيانات التي تغذي الخوارزميات التي تعمل على تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.

هؤلاء العمال، الذين يتواجدون غالبا في أماكن مثل الهند والفلبين وفنزويلا وشرق أفريقيا، يتقاضون بضعة بنسات مقابل دولار واحد يوميا مقابل عملهم.


عواقب التقدم التكنولوجي

إن إيقاف تقنية "Walk Out" التي تنتجها أمازون، بعد فترة تجريبية مدتها 18 شهرا، يثير تساؤلات مهمة حول استدامة وأخلاقيات مثل هذه الابتكارات.

في حين أن الوعد بتجربة تسوق سلسة دون الحاجة إلى أمين الصندوق ربما كان جذابا للعملاء، فإن الواقع الخفي للعمل البشري المطلوب لإنجاحها يسلط الضوء على المقايضات المعقدة التي ينطوي عليها السعي إلى التقدم التكنولوجي.

يقال إن قرار أمازون بالتخلص التدريجي من ميزة "Just Walk Out" يرجع إلى التكاليف المرتفعة وطبيعة العملية التي تستغرق وقتًا طويلاً. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة لا تفعل الكثير لمعالجة القضايا الأساسية المتمثلة في استغلال العمال وإدامة التفاوتات الاقتصادية العالمية.

سوق جمع البيانات ووضع العلامات عليها متوقع ويمثل النمو إلى 17.1 مليار دولار بحلول عام 2030، فرصة مربحة لشركات التكنولوجيا لالاستعانة بمصادر خارجية للمهام كثيفة العمالة للعالم النامي. ولكن مع توسع هذه الصناعة، تتزايد أيضًا إمكانية استمرار استغلال الفئات الضعيفة من السكان.

إن العمال في الهند، الذين كانوا يحصلون على أجر زهيد مقابل أداء العمل غير المرئي الذي يدعم نظام الذكاء الاصطناعي في أمازون، هم مجرد قمة جبل الجليد. في جميع أنحاء العالم، ينجذب ملايين الأشخاص إلى اقتصاد الأعمال المؤقتة، حيث يتم تكليفهم بأداء أعمال وضيعة ومتكررة لصالح عمالقة التكنولوجيا ومساهميهم.


نحت مستقبل أكثر أخلاقية

مع تزايد اعتماد العالم على الذكاء الاصطناعي والأتمتة، فمن الأهمية بمكان أن نتعامل مع الآثار الأخلاقية المترتبة على هذه التقنيات. إن قصة تكنولوجيا أمازون "Just Walk Out" بمثابة تذكير صارخ بأن مسيرة التقدم تأتي غالبا على حساب تكلفة بشرية، وأننا يجب أن نكون يقظين في ضمان توزيع فوائد الإبداع التكنولوجي بشكل عادل.

وقد يكمن أحد الحلول الممكنة في مفهوم "الذكاء الاصطناعي الأخلاقي"، الذي يدعو إلى تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتسم بالشفافية والمساءلة، وتحترم حقوق وكرامة جميع الأفراد المشاركين في إنشائها ونشرها.

وقد ينطوي هذا على قدر أكبر من التدقيق في ممارسات العمل التي تستخدمها شركات التكنولوجيا، فضلا عن تطوير أطر تنظيمية أكثر قوة لحماية العمال في الداخل والخارج.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الوعي العام والحوار حول هذه القضايا. ومن خلال تسليط الضوء على القوى العاملة الخفية التي تحرك ثورة الذكاء الاصطناعي، يصبح بوسعنا تعزيز فهم أعمق للآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على هذه التكنولوجيات، والدفع باتجاه أساليب أكثر مسؤولية واستدامة في تطويرها وتنفيذها.

عندها فقط يمكننا أن ندرك حقًا الإمكانات التحويلية لهذه التقنيات مع الحفاظ على قيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.

إمكانية الوصول